لابد أن تشعر بالحيرة من إصرار الغرب على استفزاز العالم الإسلامى تحت مبرر "حرية التعبير" الجاهز دائما، مع أنه مبرر مضحك وهزلي.
ففرنسا مثلا التى نشرت مجلة كاريكاتورية فيها (الأربعاء) رسوما عارية للإساءة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عاقبت إحدى محاكمها عام 1998 المفكر المسلم الشهير روجيه جارودى بتهمة معاداة السامية فى كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية". عزل فى بيت متواضع شرق باريس قضى فيه بقية حياته بعد منعه من الحديث للصحافة وحجب نشاطه وإنتاجه الفكري، فلم يبك الفرنسيون ولا ما يسمى بالعالم الحر على قداسة حرية التعبير!
إسقاطهم قداسة حرية التعبير عن رجل كان مرشحا للقب مثقف القرن فى فرنسا لولا اعتناقه الإسلام، وله 54 كتابا مترجما إلى 29 لغة، ثم استلهام تلك القداسة ورفعها فى وجه المسلمين المحتجين على الرسوم المسيئة.
يجعل الأمر متعمدا ومقصودا ومبيتا، وأنه ليس مجرد سلوك لمجلة نازقة ولمحررين يفتقدون أى حس ما عدا الحقد والضغينة وإفراز السموم التى تسمم علاقة الغرب بالإسلام وتحول حوار الحضارات إلى مشروع فاشل لا قيمة له ما دامت الأقلية الصهيونية تحكم العالم الغربى المسكون بالحضارة الحديثة وتسيره وفق أهوائها.
لم يفق العالم من العنف الذى خلقه فيلم مسيء سافل، وتعرض سفارات وقنصليات الولايات المتحدة لخطر بالغ فى سبيل "حرية التعبير" الاختيارية التى يطبقونها على ناس ويسقطونها عن ناس آخرين. ومع ذلك لم تعتبر فرنسا وسقطت فى ذات المستنقع وتبعته بتشديد الحراسات على سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية.
" جر شَكل " كما نقول فى العامية العربية. فإذا ثار البعض وغضب، وتحول عند آخرين إلى عنف منطلقا من العواطف الدينية الجياشة، يبدأون فى اللوم والتقريع كأن الحرص يجب على المسلمين وحدهم، أو أنهم كائنات صخرية يهان رسولهم ورموزهم الدينية فلا يتحركون!
لماذا يصر الغرب على إهاناته للإسلام، بفيلم مسيء مرة، وبرسوم عابثة مرة ثانية بعد ذلك بأيام بواسطة مجلة غير مسئولة؟!
من الصعب تصديق أنها حرية تعبير. ومن المستحيل إقناعنا فى كل مرة بأنها مجرد سلوك فردى لا تتحمله الدولة، فإذا لم تتحمل مسئوليتها بعدم الإساءة إلى دين مليار ونصف مليار مسلم، تكون فى وضع المتعمد المترصد الذى يجر الشكل ويستدعى العنف والتطرف.
الكاتب: فراج اسماعيل
المصدر: موقع المصريون